دراسات و مقالات في الذات

الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

الموهبة موروثة أم مكتسبة ؟

ما هو دور كل من الوراثة والبيئة في تحديد الموهبة ؟ هل الموهبة موروثة، أم مكتسبة ؟ أن هذا التساؤول يقودنا لأن نبحث في التعريفات المختلفة والمتنوعة التي قامت بتعريف الموهبة، وتناول عدد من الدراسات التي تدعم وجهات النظر المختلفة التي بحثت في الموهبة، حتى نجيب عن هذا التسأول مما يدعم وجهة النظر الأولى أو وجهة النظر المختلفة . من خلال محاولات الباحثين لأعوام كثيرة للإجابة عن السؤال المتعلق (بالوراثة والبيئة) فقد وجد أنه هناك دراسات كثيره تدعم كل من القرارين (علام ، 2010) . 
ولقد أشار حنورة (2003) أن هناك باحثين يوحدون ما بين مصطلحي التفوق والموهبة واعتبار أن المصطلحين يشيران ألى معنى واحد يفيد التميز والتفوق في مجال من المجالات وأن كان هناك من ربط التفوق في مجال التحصيل والعلوم والرياضيات والموهبة بالأدب والفنون فقد رأى من جانبه أن الموهبة والتفوق يشيران إلى التفوق الاستثنائي في أي مجال . وإني أجد أن عملية التوحيد والربط بين المصطلحين قد يتبعه الكثير من النقد، وذلك في عملية أصدار الأحكام فعند مصادفة لشخص موهوب في الرسم والموسيقى والشعر فإننا لا نستطيع أن نقول أنه متفوق في الموسيقى أو في الرسم، واجد أن المصطلح غير مقبول لفظياً وفكرياً .
وهنالك العديد من التعريفات التي أستخدمت في تعريف الموهبة بناء على الأسس النظرية أو السمة البارزة في التعريف وأقدمها التعريفات السيكومترية التي تعتمد أساساً كمياً بدلالة معامل الذكاء أو التوزيع النسبي للقدرة العقلية حسب منحى التوزيع الاعتدالي والذي يمكننا ترجمته إلى نسب مئوية، والبعض الأخر من التعريفات تركز على السمات السلوكية التي يظهرها الطلبة الموهبين، مثل حب الاستطلاع وسرعة التعلم والاستقلالية والقيادية ومن التعريفات الاخرة التعريفات المرتبطة بحاجات وقيم المجتمع ودون اعتبار لحاجات الفرد نفسه، ومن التعريفات التربوية للموهبة فهي تلك التعريفات التي تتضمن إشارة واضحة إلى برامج تربوية مثل تعريف التربية الامريكية الذي ينص على أن الطلبة الموهوبين والمتفوقين هم أشخاص يتم التعرف عليهم من قبل أشخاص مؤهلين مهنياً وأن البرنامج المدرسي العادي لا يلبي احتياجاتهم وهم بحاجة إلى برنامج تربوي، ويقدمون دليلاً على تحصيلهم المرتفع أو إمتلاكهم .. الاستعدادات مثل (القدرة العقلية العامة، والاستعداد الأكاديمي الخاص، والتفكير الابداعي المنتج، والقدرة القيادية، والفنون البصرية أو الأدائية، والقدرة النفس حركية (الصمادي والناطور، 2003)) .
وقد أشار أبو عليا (2006) أنه كان ينظر إلى الموهبة في بدايات القرن الماضي من منظور ذكائي فقد أشار إلى تعريف تيرمان Terman بأن الموهوب هو من حصل على نسبة ذكاء IQ" 140" وهذا التعريف ينسجم أيضاً مع تعريف ولاية نورث كارولينا الذي إعتبر أن الموهوب يقع ضمن أعلى 10 % من مجموعة طلبة المنطقة التعليمية .
وإني أجد من خلال تعريف التربية الامريكية للموهبة بأنها تجمع مجموعة من الخصائص وأن بعض هذه الخصائص تعود إلى أسباب ورائية والبعض الأخر يعود إلى أسباب تتعلق بالبيئة أي مكتسبة . وقد أشار كل من الحلو والقدومي (2001) بأن ماسلو قد ميز بين نوعين من الإبداع وأحدهما إبداعية الموهبة والتي قصد بها بالقدرة التي تعتمد أساساً على الموهبة الخاصة والتي تظهر ثمراً في انتاج الأعمال العظيمة وقد أشار أيضاً إلى العوامل التي تؤثر في هذا الإبداع حسب ما رأه جيمس (Gemes 1890) أن الوراثة والبيئة التي يوجد بها الفرد وينشأ فيها من العوامل المهمة في إبراز القدرات الإبداعية له وإلى ما أشار اليه ديسي (Dasey 1989) أنه إذا حدث أن أطفالا مبدعون لأباء مبدعين فأن ذلك يمكن أن يرد إلى اسلوب التنشئة الاجتماعية الوالدية للأطفال وليس إلى القدرات الذكائية .
وقد أشار أيضاً كل من الحلو والقدومي (2001) إلى أن العامل الثاني هو البيئة والإبداع حيث وضح ذلك بما أشار اليه كل من عبدالستار (1985) والكنانة (1990) إلى أن إبداع الفرد هو إحدى ترتيبات تفاعله مع البيئة والمجتمع الذي يعيش فيه وتقويم عناصرها وغناها يثري عناصر الإبداع والعمل الإبداعي لأبنائها وإرتباطه بالمناخ النفسي والاجتماعي ودخل الفرد ودخل الأسرة والاطار الاجتماعي .
وقد أشار صبحي (2004) من خلال السؤال الذي طرح نفسه وهو "هل في مقدورنا النظر إلى مفهوم المفهومية بمنظور يخرج عن المألوف ؟ وقد أجاب عن السؤال بنعم وكان سبيله إلى ذلك من خلال محاولة التربويين دائماً النظر إلى المفاهيم من منظور منطوياتها التربوية والتعليمية ونادراً ما قد تم التركيز على المنطويات العلمية والخبرات ونتاجاتها وقدرتها على التعامل مع الواقع وكان من أبرز هذه التطورات نظرية ستير نيبيرغ التى ترى أن الموهوبية تجسد الذكاء والإبداع والحكمة وهي تشكل عناصر هذا المفهوم، حيث أشار إلى أن هذه العناصر الثلاثة التي تجمع في توليفة تعود إلى تشكيل الخبرة، فعندما تبرع أينشتاين بدماغه كي يكون محور البحث والدراسة وتمخضت الدراسات التي أجريت على دماغه أن الاحتلاف الوحيد بين دماغه ودماغ أي شخص من أدعياء العلم والثقافة هو في عدد الثنيات وبالتالي المساحة الخارجية لقشرة الدماغ، ولكن إذا أردت أن تبحث عن الاختلاف الحقيقي بين أينشتاين وغيره من البشر فعليك البحث عن الحياة التي عاشها هذا العالم البيت والمدرسة .
وقد أشارت كل من العكري والخليفة (2002) في دراسة هدفت إلى الكشف عن التلاميذ الموهبين في المرحلة الابتدائية وهم من الذكور مما تراوحت أعمارهم من 9- 12 سنة، وقد استخدمت الباحثتين ثلاثة أدوات في الدراسة وهي مقياس وكسلر لذكاء الأطفال الطبعة الثالثة (النسخة البحرينية) ومقياس المصفوفات المتتابعة المعياري حيث تراوحت الدرجات بين (34 -56) والامتحانات النهائية المدرسية للتلاميذ المتفوقين دراسياً وتراوحت النسبة بين (95 – 98 %) وقد كشفت النتائج أن متوسط نسبة الذكاء اللفظي والأدائي الكلي من الطبعة الثالثة من خصائص وكسلر كان (111 ، 84 ، 99) ونال 27% من عينة الدراسة نسب ذكاء تقل عن 90 دون الوسط و"53" تراوحت نسب ذكائهم بين (90 – 110) "الوسط" بينما تراوحت نسبة ذكاء "10" % بين 120 – 130 "أذكياء" وكشفت الدراسة أن 13 % من التلاميذ موهبين بدرجة مقبولة وفقاً لتصنيف مقياس وكسلر للذكاء والذين نالوا نسب ذكاء تتراوح بين (115 – 130) ومن هنا يتضح لنا أن النتائج تشير إلى تدخل عوامل أخرى غير الذكاء في احتبار المتفوقين دراسياً في المدرسة .
ومن خلال استعراضي للدراسات السابقة لا نستطيع أن نؤكد على أن الشخص الموهوب هو الشخص الذي يمتلك قدرات عقلية مرتفعة أي أن الموهبة ناتجه عن عوامل ورائية إذا ما اعتبرنا الذكاء ورائياً وبذلك فأن من خلال تعريف التربية الامريكية أن الخصائص التي يتميز بها الطلبة الموهبين هي خصائص تجمع بين العوامل الوراثية والعوامل البيئية وأيضاً في الدراسة التي أشارت فيها كل من العكري والخليفة (2002) من خلال دراستها للكشف عن الطلبة الموهبين أثبتت من خلال الاختبارات المحكمة والعلمية على تدخل عوامل أخرى للأطفال الموهبين غير الذكاء وهي العوامل البيئة وبذلك فإني اجد أن الموهبة ليست ناتجه عن البيئة فقط وليست ناتجة عن الوراثة بل الموهبة عملية تجمع بين هذين العنصرين بدلالة كبيرة .

عدنان مرجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق